أبرزت الصحف الإيرانية الصادرة يوم الأحد 22 ديسمبر (كانون الأول)، على نطاق واسع، تصريحات وزير الخارجية، عباس عراقجي، وإعلانه استعداد طهران للبدء في مفاوضات جديدة حول الملف النووي.
ورحبت الصحف اليومية، خصوصًا الإصلاحية بهذه الدعوة، وخصصت لها عناوين كبيرة في صفحاتها الأولى، ومنها صحيفة "آرمان ملي" مثلاً، التي كتبت عن المفاوضات بعنوان: "عودة عزيزة إلى المفاوضات النووية"، وقالت "اعتماد": "طاولة جديدة للمفاوضات"، وعنونت "جمله" بالقول: "فرصة المفاوضات ومنطق النزاع".
أما صحيفة "كيهان" الأصولية فحذرت من الانخداع في الغرب والوثوق بوعوده تجاه المفاوضات، متهمة التيار الإصلاحي بـ "الغفلة" أو "الاستسلام" للغرب، الذي يمارس سياسة "العصا والجزرة"، عبر التشجيع على المفاوضات من جهة والتهديد بتفعيل آلية الزناد من جهة أخرى.
ومن الملفات الأخرى، التي حظيت باهتمام الصحف اليومية في إيران، هي الهجمات المستمرة على حكومة بزشكيان من قِبل التيار الأصولي، ومن يُعرفون بـ "المتطرفين"، في ظل الأزمات، التي تمر بها إيران وحكومة بزشكيان والفشل في معالجة العديد من الملفات، مثل ملف الطاقة والإنترنت وقوانين الحجاب والعلاقات الخارجية المتأزمة.
وأشارت صحيفة "آرمان ملي" إلى الشائعات، التي يطلقها المتشددون حول نية الرئيس بزشكيان الاستقالة من منصبه، بعد فشله في الوفاء بما تعهد به تجاه الناخبين، وقالت إن هؤلاء الأشخاص، الذين يظنون أنهم يضرون بالرئيس بزشكيان وحده فليعلموا أنهم يستهدفون النظام نفسه؛ لأن حكومة بزشكيان هي الحكومة الوحيدة التي حظيت في البداية بدعم الشعب والنظام على حد سواء.
وفي شأن آخر أشارت صحيفة "أبرار اقتصادي" إلى أن النفط السعودي سيحل محل النفط الإيراني في سوريا، لافتة إلى توقف إمدادات النفط الإيراني إلى سوريا، وإعلان المملكة العربية السعودية أنها ستعوض هذا النقص الحاصل في مصافي النفط السورية بعد قرار إيران.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"تجارت": الاستعداد للتفاوض مع الغرب والتبرؤ من مآلات النظام السوري
نقلت صحيفة "تجارت" ما جاء في المقابلة، التي أجرتها قناة "الغد" مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حول موقف إيران من المفاوضات، وكذلك الوضع في سوريا وغزة.
وقال عراقجي، وفقًا لما جاء في الصحيفة: "إن إيران مستعدة لبدء مفاوضات جديدة مع الأطراف الغربية لتأكيد حسن نوايا طهران، وعدم وجود أي نشاط غير سلمي في نشاطها النووي"، مؤكدًا أن الاستراتيجية العسكرية والأمنية لإيران لا تعمل إطلاقًا على امتلاك أسلحة نووية.
وعلى صعيد سوريا، وسقوط حليفهم الرئيس المخلوع، بشار الأسد، قال عراقجي: "إن إيران حضرت إلى سوريا بدعوة من حكومتها الشرعية آنذاك، وذلك لمحاربة (الإرهاب)، لكن لم يكن لها أي دور في طريقة تعامل نظام بشار الأسد مع الشعب السوري والمعارضة"، مكررًا مقولة: "إن طهران قدمت نصائح وتوصيات لبشار الأسد، لكنه امتنع عن الاستماع إليها".
وعن الحرب في غزة، قال عراقجي: "إن إيران وحزب الله لم يبدآ هذه الحرب، وإنما حماس قامت بها بشكل مستقل، دون أن تأخذ أي استشارة من إيران، وإن حزب الله الذي قرر الدخول للحرب بجانب حماس اتخذ القرار أيضًا بشكل مستقل وإنه دفع تكلفة باهظة في هذا السبيل".
"كيهان": سياسة العصا والجزرة للغرب تجاه إيران وانخداع التيار الإصلاحي بالوعود الغربية
أما صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، فذكرت أن الإصلاحيين يحتفلون بالدعوة إلى المفاوضات مع الغرب وهم "غافلون" عن "الدسائس الغربية" لإيران.. مشددة على أن هذه السياسة والحديث عن المفاوضات هي سياسة غربية تقوم على مبدأ "العصا والجزرة".
وأوضحت الصحيفة أن التيار الإصلاحي في إيران وقع في فخ سياسة العصا والجزرة للغرب، وذلك بسبب غفلته أو استسلامه للغرب، متجاهلاً حقيقة أن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا غير قابلة للثقة، وأن الإصلاحيين سقطوا في بئر الأمل الواهي والوعود الفارغة.
وختمت الصحيفة أن التشويق والتشجيع على المفاوضات من جهة والتهديد بتفعيل آلية الزناد من جهة أخرى هي سياسة الدول الأوروبية تجاه إيران من أجل ترغيب إيران وتحميلها ظروفًا خاصة على البلاد.. مشددة على ضرورة أن يتعلم الساسة الإيرانيون الحاليون من تجربة الاتفاق النووي السابق والأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها إيران؛ لأن تكرار الأخطاء نفسها يعد خيانة للأجيال الإيرانية القادمة، حسب تعبير الصحيفة.
"آرمان ملي": غياب الانسجام في السياسة الداخلية والخارجية لإيران واستمرار السير نحو المنحدر
قال المرشح الرئاسي السابق والسياسي الإصلاحي، مصطفى هاشمي طبا، في مقال بصحيفة "آرمان ملي": "إن هناك تيارًا في إيران يتظاهر بمعاداة حكومة بزشكيان فقط، لكن تحركاته ومواقفه تنم عن عدائه مع النظام كله؛ حيث يريد من خلال الهجوم على بزشكيان وإضعافه إضعاف النظام ككل".
وذكر الكاتب أن هذه الخطة، التي سلكها هذا التيار المتطرف، هي خطة خطيرة على البلاد؛ لأنهم يجتهدون باستمرار لإبقاء حالة التوتر والأزمة في البلاد.. منوهًا إلى أن هذا التيار الآن لا يعمل على تقديم أي حلول أو مقترحات وإنما شغله الشاغل هو الانتقاد والتشويه والتهجم على الحكومة وسياساتها.
وفي شأن آخر أقرّ الكاتب بأن هناك معضلة كبيرة تواجه بزشكيان وحكومته، وهي أن السياسات الداخلية لا تنسجم مع السياسات الخارجية، ومادام هذا الوضع قائمًا على شكله الحالي، فإن السير نحو المنحدر سوف يستمر، منوهًا إلى أن هذه المشكلة ليست بسبب حكومة بزشكيان او شخصيته، وإنما هي مشكلة كانت ستواجه أي رئيس يشغل هذا المنصب؛ لأنها مشكلة متجذرة في السياسة الإيرانية خلال العقود الماضية.
وأضاف الكاتب أن السياسات الاقتصادية تنم عن أن البلاد لا تعيش أي ظروف اقتصادية سيئة أو عقوبات، في حين أنه كان يجب أن نعتمد على سياسة خاصة، مثل سياسات البلدان التي تعيش حروبًا عسكرية؛ حتى نستطيع أن ندير وننظم الأوضاع وفقًا لذلك، لا أن يتم التعامل وكأن شيئًا لم يكن وأن البلاد تعيش انفتاحًا على العالم.